" إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ، و للفهوم كل لحظة زجر جديد ، و للقلوب النيرة كل يوم به وعيد ، غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد "
ابن القيم الجوزيه
القرآن الكريم يُمثل الطلاقه اللغويه والأساليب المميزه
والصوره الإيجابيه للأدب , هُو ليس
عباره
عن آيات وسُور ومواضيع سُجود , بل هُو يمثل النفس الإيماني الرهيب والذي
يتمثل في
اوج صورته عندما يهرع الناس إلى صلاته فجراً ويتأمل هذه الحروف , القرآن
ليس مُجرد
قصص يقصها علينا الله تبارك وتعالى بل هي ممزوجه بالعظه والعبره فيحذرنا
الله مما
قامت به بعض الأقوام السابقه من كفر وجحود و تحدي لعظمه الله ورسالات رُسله
, وهُنا يكمن الحديث في نفس القارئ , حيثُ ينتقل دوره من القارئ العادي
البسيط الذي يقرأ ليكسب الأجر الى القارئ المُتعظ المُتدبر لعظمة وجبروت
وحكمة ومغفره ورحمه وعذاب الله تعالى .
وهُو
مايستلزم أن نُسخر جزء ليس بالقليل من أوقاتنا لفهم المعاني الدقيقه في
القرآن الكريم , ولسنا نتعجب من مدح عالم الفلك يوشيهيدي كوزاي للقرآن
الكريم حيث قال " اعتقد أنني بقراءة القرآن أستطيع أن اجد طريقي المستقبلي
للبحث في الكون " , كما ان أحد الدكاتره المتخصصين في علم الصحه الغذائيه
يُشدد على أهمية حليب الأم الطبيعي للطفل , وأثبت في دراسه له أن عدد
الوفيات في الأطفال الذين يرضعون بطرق صناعيه عشره أضعاف عدد الوفيات في
الذين يرضعون رضاعه طبيعيه من أمهاتهم , ودلل القرآن الكريم على ذلك بقوله
تعالى " و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعه "
, وفي نوفمبر 2010 طالعتنا احد الصحف بخبر يُفيد بأن النساء في امريكا
اللاتي لايقدرن على إرضاع أطفالهن من صُدورهن يقمنَ بطلب حليب الأمهات عن
طريق الإنترنت , وجدير بالذكر ان أحد
بنوك الحليب يبيع الزجاجه الصغيره من الحليب بنحو 4.5 دولارات، ما يعني أن
زجاجة إرضاع سعتها ثماني أونصات قد تكلف 36 دولارا , وهذا فيه تأكيد
لأهمية حليب الأم الطبيعي .
وكذلك
لسنا نندهشْ من العالم اليهودي غيلهم الذي اعلن إسلامه بعد تقصيه عن
الإعجاز القرآني في مسألة تحديد عدة المطلقه ب 3 شهور , حيث توصل الى أن " جماع
الزوجين ينتج عنه ترك الرجل لبصمته الخاصة لدى المرأة، وأن كل شهر من عدم
الجماع يسمح بزوال نسبة معينة تتراوح ما بين 25 إلى 30 في المائة، وبعد
الأشهر الثلاثة تزول البصمة كليًا، مما يعنى أن المطلقة تصبح قابلة لتلقى
بصمة رجل آخر " وبحث في الافريقيات المسلمات فوجد ان لديهن بصمة ازواجهن
فقط , وأما الخبر الذي قصمَ ظهره هو ان زوجته اتضح أن لديها 3 بصمات !
كما
أن إشادة العدو تبدو في ظاهرها " أكثر قيمه " من إشادة الصديقْ , ولذلك
فإنك حين تُجبر خصمك على الإعتراف بعظمتك وفضلك ومقدرتك الكبيره ففي هذا
إعتراف حقيقي بانه ضعيف أمامك , لأن هذا العدو يعمل طيلة يومه على إغاضتك
والتهجم عليك وإنكار أحاديثك وصفاتك لكنه في نهاية المطاف يكتشف انه يسير
عكس التيار , عكس الفطره الإنسانيه التي تُفيد بأن هذا الكون له خالق واحد
وعباده مُلزمين بألا يُشركوا في عبادته احدا !
وتظهر
القيمه الحقيقيه في مُطالعة القرآنْ وتدبره , في الأسر التي تعتمد لها
نهجاً خاصا في قراءة القرآن , وأعرف شخصياً مُداومة الكثير من الآباء على
تلقين أبنائهم دُروسا منذ الطُفوله , حيثُ ينشأ الإبن في بيئه قرآنيه رائعه
جدا , وعندما يصل للمرحله المتوسطه من دراسته نجده يعرف الكثير عن قصص
القرأنْ , وأشيد هُنا بإخواننا في مصر وهيَ من الأنباء السارًه عندما تجد
طفلا بسن الثامنه او التاسعه يحفظ القرآن كُله , وكذا إنتشر مقطع قبل فتره
عن أخت صغيره تسأل أخوها الأصغر منها أسئلة مُتعلقه بالقرآن والإسلام فيجيب
عنها رغم انه حتى لايعرف القراءه ولا الكتابه , لكن الأسره والمحُيط
القرآني البديع صنع منه طفلاً مُعجزه , لكننا في الجانب الآخر نُعاني من
ذاك الذي لا يفقه في حياته شيئ سوى قراءة سورة الكهف يوم الجمعه فقط .
داخل
كُل شخصٍ منا شيئ يُجبره على فعل السوء , النفس البَشريه أمارةُ بالسوء ,
ولذلك ف علينا ألا نُمسك القرآن مُباهاةً أو تفاخراً بأننا نقرأ , وليسً
علينا أصلا بأن نذكر للآخرين بأننا نقرأ , لأنه يُفترض في كُل مسلم أن يقرأ
كتابه , فلا كتاب بعد القرآن , وبالتالي ينبغي أن يتسلل إلينا الشُعور
بأهميته العظيمه , وإدخال عُنصر الإلزام ضروري جداًُ حينَ يتعلق الأمر
بقراءته وتدبر معانيهَ , وليسَ في القرآن أي ملل , بل إن كتاب الله مليئ ب
الأحاديث والقصص والمعاني والحكم التي تُفيدنا في واقعنا اليومي , لا نُريد
أن نُصبح ك أحد الطغاة , يُمسك القرآن وكأنما يقرأه في حين يُصوره البعض ,
ليقولوا عنه " انظروا .. إن حاكمنا الرشيد يقرأ القرآن فهو إذا .. عادل ! "
في نفس الوقت الذي يبكي فيه ملايين آخرون على مقتل أهاليهم وعوائلهم بسبب
هذا الطاغيه الذي كان يُمسك القرآن .. لإلتقاط صُوره فوتوغرافيه وليس
لقراءته وتدبره !
"
إذ نادى ربه نداءً خفياً " هُنا يسأل زكريا عليه السلام ربه أن يرزقه بإبن
, وكان زكريا يتعجب من الرزق الذي كان عند مريم وهي فاكهة الصيف في الشتاء
وفاكهة الشتاء في الصيف , بلا شجره غُرست من قبل , فقالت له " هو من عند
الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " فألتمس الأمل منها وذهب يُنادى ربه
ويطلبه أن يهب له إبناً رغمَ أن إمرأته عاقرا ووصوله الى مرحله مُتقدمه من
السن , هكذا يجب علينا ان نستخلص العبره من هذه القصص القرآنيه , لا نيأس ف
رحمة الله واسعه وإذا لجأنا فلا نلجأ بالدعاء الا لله عز وجل , في مكانٍ
مُظلم في بطن الحوت قال يونس عليه السلام " لا اله الا انت سبحانك إني كنت
من الظالمين " قال ابن مسعود " هي ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة
الليل " !!!!
الكثير
من الشخصيات الإسلاميه التاريخيه مثل السرسخي وإبن حنبل والحسن البصري
وإبن تيميه دخلوا السجن , وفي ذلك مُخالفه للقاعده العرفيه انه لا يدخل
السجن إلا من يرتكب خطأ , هُم لم يرتكبوا أخطاء ولم يقترفوا ذنوباً لكنهم
سًجنوا رغم ذلك , ورغم هذا كُله لم ييأسوا , قرأوا القرآن وألفوا مُجلدات
كثيره , وجدوها فُرصه للتعبد ونفع الإسلام والمُسلمين
" من تدبر القرآن طالبا الهُدى منه . . تبينَ له طريقْ الحق " ! شيخ الإسلام أبن تيميه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق