دخلَ ك المضطربْ , وخرجَ بلا روح , وهكذا كانَ بينه وبين نفسه يُردد " يا ليتني قدمتُ لحياتي " !!
أمام قاضي الدُنيا حينَ فُتحت المحاضر وأعين الجالسينْ تترقب , وفيما كانَ الشاهد يُعدل من ردائه البسيط تمهيداً لإطلاق شهادته التي قد تُودي بالرجل , في حينَ أن هذا الرجل كانَ يعرج ب كأسه .
أخرج لسانه ليندب به حظه العاثر , ولكيْ لا يحس به أحد إختار لنفسه إجراء حوار داخلي قصير لا يسمعه أحد ولا يُناقشه فيما تفوه به أحد , وبدلاً من ان يكون ضميراً شخصا مُستيقظاً دائما لأخطائه , أصبح ضميره يُؤنبه داخل قاعة المحكمه للمره الأولى والأخيره في ذاكرةٍ عادت للخلف بُسرعه رهيبه تستعرضْ بها شريط المعاصي .
كانَ المشهد خيالياً , حيثَ وجد عزائه الوحيد في إنتقاد نفسه وبنفسه ودون أن يُلاحظه أحد , حيثَ هتكَ بتأنيبه أسرار حياته الغريبه قبل أن ترمي أسواط النيرانْ نفسها على ظهره .
ظلَ واقفاً غير ذيب بعيد من القاضي , وكانّ هذا الأخير يجلس في الكُرسي الأوسط مُتأنقاً كعادته وللتو إنتهى من شرب قهوته السوداء التي إعتاد أن يشربها قبل أن يُصدر أي حكم يمس بالحياة , في حين أن صاحبْ الكأس كان يبتسم وهو يمر بشريط ذكرياته مُتذكراً تلك الحديقه الجميله والشُرفه المُطله عليها وتيكيلته المكسيكيه المُميزه بتواجد الدوده الصغيره في أعلى زجاجتها .
لم يكن صاحبنا مُجرد متهم , وحتى ما قبل إطلاقْ وصف الإدانه عليه كانَ رجلاً بمواصفات عابثه , مُتشحاً بالسواد وكُل ما يعرفه الناس عنه أنه كان يقضي ليله في الترنح المُستمر , وفي قاعة المُحكمه كانَ فقط يبتسم ويُلوح ب " القبلات " كُلما مر مارًُ أمامه ليُخفي امراً ما ليس به سعاده .
ثم نظرَ الى الأسفل فوجد يديه مُكبلتانْ , ويقف داخل زنزانه ضيقه حقيره وهو يتمتم لنفسه " إنه المكان الثاني الذي يُناسبني بعد القبر " .
ولأنه كانَ يعرفْ صميم الحُكم إختار أن يحجز تذكرته الى مملكة الأحلامْ , لكيَ يحلم للمره الأخيره حالَ حياته , وإختار النظر الى الأعلى حيث يسمع أصداءً مُتجمعه , وكانَ يطيلْ النظر الى الأعلى وكأنه إختزل جميع آلامه في هذه النظره .
كانَ صديقنا صامتاً الى هذه اللحظه , ولكن لأنه إنسان فكانَ لابُد أن ينفجر في لحظة ما , لكن لا احد كان يُدرك متى سيُفصح صاحب الكأس عن بُركانه .
لم يكن يظنْ يوماً ما أن رجال الشرطه سيبذلونْ وقتاً طويلاً وجهداً عظيما في مُحاولة القبض عليه , ولم يكن يُدرك أن المُحقق سيوجه له هذا الكم من الأسئله بحيث يُوصلة الى نقطة الإرتباك وحينها يهم ب صفعه ليستخرجْ منه الحقيقه , والأدهى أنه لم يكن يظن يوماً أن قاضي الدُنيا بإمكانه أن يسلب منه السعاده .
لم يكنْ يعرف في أي يوم سيُهلكه الفيضان الى المُنحدرات , يشعر حينها بحاجته الى بيتٍ آمن .
تمعنَ في النظر الى الأعلى ف نصبً لنفسه دقيقة حداد , وقد كانَ صامتاً أما الشًهود يهمسون كأنهم مُتطفلين قذرين في حين أن الجماهير تتفرجْ .
قررً أن يعود الى الواقع ف أنزلَ رأسه , حتى أصدر القاضي حُكماً يقضي بأن يُعدم ويذهب الى المكانْ الأول الذي يُناسبه , بعد الزٍنزانه .